بدوره، واجه رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، الحيلة الإعلامية الغربية نفسها عبر الشاشة نفسها، عندما سأله المذيع: «أريد فقط التأكّد أنّ المشاهدين يفهمون أنّ السلطة الفلسطينية كانت معارضة لـ«حماس»، وأنت تمثل السلطة الفلسطينية وبالتالي لا ترتبط على أي نحو بحركة «حماس»». يشرح البرغوثي الأمر البديهي المتمثّل بـ «وحشية الصهاينة واحتلالهم فلسطين واستمرار دعم الغرب لهم»، ليسأله المذيع الأميركي: «ما تفعله «حماس» هو أنها تستهدف المدنيين الإسرائيليين والنساء والأطفال والجدّات»، ليأتي ردّ البرغوثي واضحاً: «لا إنّها لا تفعل». لكن المذيع يتعمّد عدم سماع الإجابة، فيُكمل: «أليس هذا إرهاباً كلاسيكياً؟». كما لو أنّ هناك تعريفاً لماهية الإرهاب الكلاسيكي، أو معنى لهذا التعبير أصلاً. لكن ابتكار تعبير من نوع «حماس تمارس إرهاباً كلاسيكياً» يجذب الجمهور الذي يحبّ التعابير البراقة. لا يتوقّف المذيع عند هذا الحدّ، بل يكمل: «إنهم لا يقتلون الحكومة الإسرائيلية بل يقاتلون الناس العاديين». هنا أيضاً يتجنب المحاور فكرة أنّ مَنْ في كيان الاحتلال جميعهم هم إما مجندون حاليون وإمّا مجندو إحتياط، وهو ما يشير إليه البرغوثي حين يقول: «هذه رؤية من جانبٍ واحدٍ للأمر، ولكنها غير صحيحة، أعتقد أن «حماس هاجمت على نحو رئيسي المؤسسات والمنشآت العسكرية، ومعظم الأشخاص الذين اعتقلتهم وأسرتهم هم عسكريون».
ومن جملة المواقف المشابهة التي تعرّض لها حسام زملط على الشاشة الصغيرة في الأيام الماضية، لكن هذه المرّة على «سي أن بي سي» الأميركية، توجّه إليه المذيع ستيف سيدغويك بكل صلافة، قائلاً: «أنا أمنحك الفرصة لانتقاد أعمال إرهابيي «حماس» في الأيام الفائتة، ومهما حدث في السابق... هذه هي اللحظة المناسبة لانتقاد ما فعلته «حماس»، أنا سأعطيك هذه الفرصة الآن». هذا المشهد المقزز والمؤذي والمهين، حدث فعلياً على تلفزيون غربي يدّعي المهنية والاحترافية. كلّها تعابير مغلقة لإجابة منتظرة محدّدة. يحاول زملط الإشارة إلى أنّ هذه فرصة للحديث عن المشكلة الحقيقية، لكن المذيع يأبى ذلك، مؤكداً: «أنا أعطيك الفرصة مجدداً لانتقاد أعمال حماس... أنت تقول إنّ هذا ليس الوقت المناسب للانتقام (يقصد الانتقام الإسرائيلي من غزة)، هناك المئات من القتلى الإسرائيليين، الآلاف في المستشفيات في الساعات الـ 48 الفائتة ومئات المخطوفين... أنا أعطيك الفرصة لانتقاد أعمال حماس». فيأتي ردّ زملط كالتالي: «أنت لا تعطيني أي فرصة، ويبدو أنّه لديك قائمة محدّدة مسبقاً من الأسئلة». لكن المحاور لا يستسلم، ويؤكّد لحسام أنّه «استمعت إليك جيداً، لكنني أعطيك وللمرة الثالثة الفرصة لانتقاد الأعمال الإرهابية على مدى الساعات الأخيرة». إلى هذا الحد كان الإعلام الغربي (ولا يزال) مسعوراً وموتوراً.
واجه رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، الحيلة الإعلامية الغربية نفسها
جولة سريعة على القنوات التلفزيونية الغربية، توضح أنّها تسير على الدرب نفسه كأنّها تنسّق في ما بينها، في ظلّ مناخ عام يشي بتعميم أجواء شبيهة بتلك التي سادت في أعقاب 11 أيلول (سبتمبر) 2001. تسأل مذيعة «سكاي نيوز» البريطانية، سارة ــ جين مي، ضيفتها الممثلة والكاتبة الفلسطينية ــ البريطانية سارة الآغا عمّا «تتعرّض له الجالية اليهودية في بريطانيا من هجوم وتعديات وتحريض ضد السامية في هذه الأيام». سؤال مغلق آخر توجّهه إحدى مذيعات «بي بي سي» البريطانية إلى الباحث والأكاديمي الغزّي رأفت العرير حينما أشار إلى أنّ «الإعلام الغربي يغسل جرائم الاحتلال الصهيوني»، بعد عدم تعليق محاورته على كلام الوزير الصهيوني نفتالي بينيت، الذي قال إنّه ليس هناك في غزّة مدارس أو مستشفيات وإنّها كلّها أهداف محتملة لجيش الاحتلال. وتابع العرير أنّه «أشار مجرم الحرب هذا إلى رغبته في قصف المدارس والمنازل والمستشفيات، ولم تعلّقي بحرفٍ واحد اعتراضاً على ذلك». فأجابت المذيعة: «هو أشار إلى أنّه سيفعل ذلك في حال وجود مسلحي «حماس» في تلك الأبنية، وهذا للتوضيح». قالت هذه الكلمات بوجهٍ جامد وخالٍ من المشاعر، في سياق «الاحترافية» الكاذبة التي تتفاخر «هيئة الإذاعة البريطانية» بانتهاجها، لتعود وتسأله بعد حديثه دقائق طويلة عن الظلم الذي يتعرّض له الفلسطينيون جراء الوحشية الصهيونية والغربية: «من أين تعتقد قد أتت الصواريخ الـ 5000 التي أُطلقت؟». يفسّر هذا السؤال رؤية الغرب لكيفية التعامل مع الرواية العربية للحكاية: يأتي سؤال من هذا النوع ليقول للمشاهد إنّ هذا الرجل يكذب عليكم!
في الإطار عينه، وإنّما على جانبٍ آخر، يبدو «انحياز» هذا الإعلام شديد الوضوح في مقابلة أجراها مذيع «سكاي نيوز» المعروف، مارك أوستن، مع وزير الاقتصاد الصهيوني نير بركات، الذي استهلّ حديثه بأنّ جيش الاحتلال «عقائدي»، ليعود ويؤكد أنّه «سنبيدهم جميعاً»، في إشارة إلى أهل غزّة الذين صبّ عليهم اللائمة إذ قال: «إذا كنت تغطي الإرهابيين، فأنت تعرض نفسك للخطر». استمع أوستن إلى هذا الخطاب، لم يقاطع، ولم يسأل، مكتفياً بنظرات التعاطف ومجموعة من الأسئلة عن «الأبرياء الإسرائيليين المخطوفين أو القتلى أو الجرحى».
صفحة حسام زملط وعليها مقابلاته
مقابلة مصطفى البرغوثي:
مقابلة العرير:
مقابلة سارة الأغا:
"Palestinians have been suffering for 7 decades or more under a brutal occupation, so context is key to understand Palestinian people and their struggle."
— Sky News (@SkyNews) October 10, 2023
Palestinian writer and actor Sarah Agha on the Israel-Hamas war#SJUK https://t.co/JWv12AOHzB
📺 Sky 501 / Youtube pic.twitter.com/IRJMnG4OmV
مقابلة نير بركات مع مارك اوستن:
'We will wipe them out, we have no choice'
— Sky News (@SkyNews) October 10, 2023
When asked about civilians living in the Gaza Strip, Israel's Economy minister says 'we have an ethical army'. He adds that 'if you are giving cover to the militants, you are risking your life'.https://t.co/KWD5e7gMgu
📺 Sky 501 pic.twitter.com/UUgtznI9c0